الحياة اليومية في قرية سورية
فيلم تسجيلي ناطق باللغة العربية، مع ترجمة باللغة الفرنسية. من إخراج المخرج السوري: عمر أميرالاي.
تصوّر: عمر أميرالاي والكاتب المسرحي سعد الله ونوس.
تصوير: حازم بياعة، عبده حمزة. مساعد: سركيس خوري.
صوت: حسن سالم.
مونتاج: قيس الزبيدي. مساعد: عدنان سلوم.
مدة الفيلم 85 دقيقة. إنتاج المؤسسة العامة للسينما 1974
__
يعتبر فيلم “الحياة اليومية في قرية سورية” الفيلم التسجيلي الأول الذي انتقد بشكل صريح الإهمال الذي يعاني منه الإنسان المهمش في سوريا متمثلا في قرية مويلح شمال دير الزور.
كان الفيلم سابقا لعصره وبارزا في تاريخه، من حيث العرض والمحتوى والإخراج، ومن حيث الجرأة في كشف وتعرية الواقع المحزن، وتسليط الضوء على الكيفية التي تتناول فيها الدولة القضايا الاجتماعية والاقتصادية إثر الإصلاح الزراعي والقوانين الجديدة المستحدثة آنذاك.
لم يكن هدف الفيلم مجرد إنتاج شريط يضاف لمجموعة العناوين التي أنجزها المخرج، إنما كان تأسيسا حقيقيا لاتجاه سينمائي جديد يهتم بالإنسان وبالقضية الإنسانية العادلة.
وقد كان الفيلم ثمرة تعاون ناجح بين الكاتب سعد الله ونوس، وهو كاتب مسرحي سوري ومن أبرز كتاب المسرح العرب، مع رائد الأفلام الوثائقية عمر أميرالاي.
الفيلم تماما كعنوانه.. يوثق الهموم اليومية المشحونة بالمعاناة والقهر المدفون. وقد استطاع ببراعة أن يظهر التباين الشديد بين احترام الفلاحين للدولة وعقلية ممثلي الدولة تجاه هؤلاء الفلاحين ما بين التوثيق اليومي لحياة البسطاء في قرية منسية ومجموعة من المقابلات المنتقاة مع مزارعين وعاملين في مجال الصحة، ومقابلة واحدة موسعة مع ضابط شرطة القرية.
كان الإخراج ثوريا في ذلك التاريخ:
لقطات مفاجئة.. تتباطأ حتى تتوقف في كادر صادم يحفر في وجدان المشاهد..
وموسيقى شعبية من روح المكان تظهر بشكل مفاجئ وتختفي بشكل مفاجئ..
وأصوات واقعية _تلتقط الوعي وتستحوذ عليه_ لم تهمل حتى صوت الريح أوصوت احتساء كوب الشاي أو صوت سحب حبل البئر القديم.
كل تلك العوامل الإخراجية المتطورة وغيرها جعلت الفيلم يمس الشعور ويعري الواقع ويكشف الجروح والندوب المكسوة بوابل الشعارات التي أنتجتها تلك المرحلة.. ولم تقدم شيئا في المقابل سوى صدى ترديد الشعار.
ولم تكن خاتمة الفيلم لتترك المشاهد دون بصمة واعية تبقى حية في وجدانه حينما صور المشهد الأخير عجوزا يتكلم بحرقة ويروي متهالكا واقع الحال.. ثم يبدأ فجأة بتعرية صدره بضيق متصاعد ويصرخ:
((جوعانين.. ميتين!))
ما سيكون الصوت الأخير الذي سيسمع في الفيلم، قبل أن تظهر الشاشة السوداء التي تحمل رسالة مكتوبة من شريكي العمل عمر أميرالاي وسعدالله ونوس يقولان فيها نصا:
علينا جميعا أن ننخرط في النضال من أجل خلاصنا المشترك، ما من أيد نظيفة، ما من أبرياء، ما من متفرجين.
إننا جميعا نغمس أيدينا في وحل أرضنا، وكل متفرج هو جبان أو خائن.
“الحياة اليومية في قرية سورية” لا يزال واحد من العلامات البارزة للسينما العربية عبر تاريخها.. ولا يزال حتى اليوم محظورا في بلده الأم.