فاتح المدرّس
الفئة: فنون وموسيقى
تاريخ الميلاد: 1922
مكان الميلاد: حلب
تاريخ الوفاة: 1999
__
رسام قاص وشاعر.. رائد الحداثة التشكيلية في سوريا.
يُعدّ فاتح المدرس واحدا من أبرز رواد الحركة التشكيلية المعاصرة في سوريا والعالم العربي لما تركه من أثر فني وفكري عميق على أجيال من الفنانين. جمع في أعماله بين الأصالة والابتكار، مستلهما التراث ومعبّرا عن الإنسان.
وُلد فاتح المدرس في قرية حريتان بالقرب من مدينة حلب عام 1922. انتقل إلى حلب في طفولته بعد وفاة والده وأظهر منذ صغره اهتماما واضحا بالرسم والأدب مما دفعه لدراسة الفن بشكل أكاديمي.
في مطلع الأربعينيات غادر المدرس حلب إلى لبنان ليتابع دراسته في الكلية الأمريكية. وعمدما عاد إلى حلب عمل في التدريس، وبدأت تظهر مشاركاته الفنية في الرسم والشعر والقصة التي كان ينشرها في الصحف والمجلات السورية كما تعززت علاقته بالعديد من الأدباء.
تابع المدرس دراسـته العليا في أكاديمية الفنون الجميلة في باريس والتي حصل منها على الدكتوراه عام 1972.
تم إيفاده للدراسة بكلية الفنون الجميلة في روما (الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة) عام 1954 وتخرج منها عام 1960 حيث تأثر بالاتجاهات الحداثية الأوروبية ولا سيما المدرسة التعبيرية.
يمكن تقسيم المسيرة الفنية لفاتح المدرس إلى مراحل، بدأت برسوم قريبة من الواقعية الاجتماعية التي عبّرت عن قضايا الفقر والمعاناة، ثم تحوّل تدريجيا نحو التجريد التعبيري.
ركز في أعماله على الإنسان باعتباره محور الوجود، واستخدم رموزا سوريّة قديمة مستلهمة من الفنون الآرامية والآشورية.
يتميّز أسلوبه بسطوح لونية كثيفة، وتكوينات صارخة، وأشكال مشوّهة عمدا لتعميق الأثر العاطفي. لم يكن التجريد عنده غاية شكلية، بل وسيلة للتعبير عن رؤى فلسفية وإنسانية.
عُيّن فاتح المدرس أستاذا في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق منذ تأسيسها في ستينيات القرن العشرين، وأسهم بشكل حاسم في صياغة المناهج الدراسية فيها. كما كان عضوا مؤسـسا في نقابة الفنون الجميلة في سورية ثم رئيسـا لها لمدة أحـد عشـر عامـا.
كان يؤمن بأن الفنان لا يقتصر دوره على الإبداع الفردي، بل يمتد إلى الإسهام الحضاري. وقد كتب مقالات نقدية ومحاضرات أثّرت في الفكر التشكيلي العربي، وأصدر ديوان شعر بعنوان “عودة الطفل الجميل”، حيث تظهر رؤاه الفلسفية بلغة أدبية مكثفة.
تميّزت تجربة فاتح المدرس بتلاقح الفنون البصرية مع الفكر الفلسفي، حيث كان يتعامل مع اللوحة بوصفها نصا بصريا ينطوي على مستويات متعددة من التأويل. كان يرفض الفن الدعائي المباشر، ويدعو إلى فن يتضمن موقفا وجوديا تجاه الحياة والموت والحرية.
المعارض والجوائز
شارك المدرس في العديد من المعارض الفردية والجماعية المحلية والدولية، من أبرزها معارض في باريس، وروما، ودمشق، وبيروت.
كما حصل على عدة جوائز تقديرية عن أعماله مثل:
- الجائزة الأولى لأكاديمية روما 1960
- الميدالية الذهبية لمجلس الشيوخ الإيطالي 1962
- جائزة شـرف بينالي سـان باولو 1963
- جائزة الشراع الذهبي للفنانين العرب في الكويـت 1977
- جائزة الدولة للفنون الجميلة بدمشـق 1986
- جائزة الدولة للفنون الجميلة في الأردن 1992
- وسام الاستحقاق السوري 2005
يُعتبر فاتح المدرس شاهدا حقيقيا على تحوّلات الفن العربي في القرن العشرين. شكّل صوته المستقل وجمالياته المتفردة جسرا بين التراث السوري وروح العصر، مما جعل أعماله مرجعا أصيلا لدراسة مسارات الحداثة التشكيلية العربية.
توفي فاتح المدرس في دمشق عام 1999، تاركا وراءه إرثا تشكيليا غنيا يُعرض اليوم في المتاحف وضمن مجموعات خاصة وعامة. لا يزال تأثيره قائما بين الفنانين الشباب الذين يرون فيه مثالا على المزاوجة الخلّاقة بين الجذور الثقافية والحداثة.